وقفت على المسرح و سلط عليها الضوء..
شعرها أشقر طويل غجري الهيئة..
ترتدي فستانا ضيقا يلمع بشدة..من شدة لمعانه لم أتبين لونه هل هو أبيض أم أسود أم فضيّ ؟؟
أم لعله يتدرج ما بين هذا و ذاك...
ضمت يديها في خوف..كأنها في وحدتها لم تجد أحد تحتمي به سوى نفسها..
أمسكت فستانها بإحدى يديها و أخذت تعتصره في عصبية..
أطلت من عينيها نظرة يملأها الحزن..و شرعت في الغناء..
قالت له أنها تتعلق به كتعلق الإنسان بالخطيئة..
تشكو له تعبها و إرهاقها من إدعاء السعادة عندما تحاط بالناس..
تشير بيدها إلى الخلف لفرقتها بأن يتوقفوا عن العزف..
يعم الهدوء القاعة..
فتعلن له أنها تسكر كل ليلة حتى تنساه..لكن كل الخمور أصبح لها نفس الطعم بالنسبة لها..
تبدأ الموسيقى في العودة تدريجيا و بهدوء..
تغلق عينيها بأسى و تخبره أن كل السفن تحمل راياته..لا تستطيع أن تنساه..
لا تعرف أين تذهب الان ولا كيف تهرب منه لأنه في كل مكان..
تخبره كم هي مريضة و متعبة...
تبسط يديها إلى الأمام و تكمل بصوت مبحوح حزين..
تقول أنها سكبت الكثير من دمائها داخل جسده حتى أصحبت كطير ذبيح...
تصرخ بأنه جردها من كل أغانيها و أفرغها من جميع الكلمات..
رغم أنها امتلكت موهبتها قبل أن تمتلك جسده..
تعلن للناس بأن استمرار هذا الحب يقتلها..
تغطي وجهها بيديها و يخفو صوتها و كأنه قادم من مكان بعيد..
اذا استمر هذا الحب فستهلك وحدها قرب مذياعها و هي تستمع لصوتها كطفلة ساذجة تغني كم هي مريضة..
كم هي مريضة كما كانت أمها تخرج كل مساء و تتركها وحدها..مع يأسها..
ترتفع يديها من على وجهها إلى شعرها ..تحركها بعنف و تصرخ..
أجل مريضة لأنك جردتني من جميع أغناتي و افرغتني من الكلمات..
و أصبح قلبي مريضا و محاطا بالحواجز..
حركت يدها اليسرى بحركة تمثيلية مفاجئة عندما قالت حواجز و كأنها تكسرها..
هل تسمع كم انا مريضة..؟؟
رفعت يدها اليمنى لأعلى و أمالت رأسها إلى الوراء و ثبتت في حركة مسرحية...
تصفق لها الجماهير و لكنهم لا يعلمون ماذا يدور بداخلها..
ماذا دار داخل رأسها في هذه الثواني التي ظلت فيها واقفة سارحة بعينيها إلى الأعلى...
ربما تكون ساعتها قررت شيئا ما..تقول لنفسها " أخدت قرار مش هارجع فيه"
ففي تلك اللحظة قد تكون اتخذت داليدا قرار الإنتحار..