Monday 17 May 2010

elle est malade


وقفت على المسرح و سلط عليها الضوء..

شعرها أشقر طويل غجري الهيئة..

ترتدي فستانا ضيقا يلمع بشدة..من شدة لمعانه لم أتبين لونه هل هو أبيض أم أسود أم فضيّ ؟؟

أم لعله يتدرج ما بين هذا و ذاك...

ضمت يديها في خوف..كأنها في وحدتها لم تجد أحد تحتمي به سوى نفسها..

أمسكت فستانها بإحدى يديها و أخذت تعتصره في عصبية..

أطلت من عينيها نظرة يملأها الحزن..و شرعت في الغناء..

قالت له أنها تتعلق به كتعلق الإنسان بالخطيئة..

تشكو له تعبها و إرهاقها من إدعاء السعادة عندما تحاط بالناس..

تشير بيدها إلى الخلف لفرقتها بأن يتوقفوا عن العزف..

يعم الهدوء القاعة..

فتعلن له أنها تسكر كل ليلة حتى تنساه..لكن كل الخمور أصبح لها نفس الطعم بالنسبة لها..

تبدأ الموسيقى في العودة تدريجيا و بهدوء..

تغلق عينيها بأسى و تخبره أن كل السفن تحمل راياته..لا تستطيع أن تنساه..

لا تعرف أين تذهب الان ولا كيف تهرب منه لأنه في كل مكان..

تخبره كم هي مريضة و متعبة...

تبسط يديها إلى الأمام و تكمل بصوت مبحوح حزين..

تقول أنها سكبت الكثير من دمائها داخل جسده حتى أصحبت كطير ذبيح...

تصرخ بأنه جردها من كل أغانيها و أفرغها من جميع الكلمات..

رغم أنها امتلكت موهبتها قبل أن تمتلك جسده..

تعلن للناس بأن استمرار هذا الحب يقتلها..

تغطي وجهها بيديها و يخفو صوتها و كأنه قادم من مكان بعيد..

اذا استمر هذا الحب فستهلك وحدها قرب مذياعها و هي تستمع لصوتها كطفلة ساذجة تغني كم هي مريضة..

كم هي مريضة كما كانت أمها تخرج كل مساء و تتركها وحدها..مع يأسها..

ترتفع يديها من على وجهها إلى شعرها ..تحركها بعنف و تصرخ..

أجل مريضة لأنك جردتني من جميع أغناتي و افرغتني من الكلمات..

و أصبح قلبي مريضا و محاطا بالحواجز..

حركت يدها اليسرى بحركة تمثيلية مفاجئة عندما قالت حواجز و كأنها تكسرها..

هل تسمع كم انا مريضة..؟؟

رفعت يدها اليمنى لأعلى و أمالت رأسها إلى الوراء و ثبتت في حركة مسرحية...

تصفق لها الجماهير و لكنهم لا يعلمون ماذا يدور بداخلها..

ماذا دار داخل رأسها في هذه الثواني التي ظلت فيها واقفة سارحة بعينيها إلى الأعلى...

ربما تكون ساعتها قررت شيئا ما..تقول لنفسها " أخدت قرار مش هارجع فيه"

ففي تلك اللحظة قد تكون اتخذت داليدا قرار الإنتحار..

Friday 14 May 2010

سمراء النيل


جميلة سمراء..تحمل بشرتها لون النيل..

شعرها الطويل أسود كالليل ؛ متلأليء بنجومه..

عينين واسعتين..مكحلتين على طريقة فرعونية قديمة..

شفتين مكتنزتين بالحب و الحكمة، و صدر غامر بالخير و الحنان و الأمومة....

جسد جميل ورثته عن ايزيس العجوز..

ترتدي فوق رأسها تاج مكسور..لأنها كانت فيما مضى ملكة..

وقفت أمام زجاج نافذتها المغلقة تنظر لهذا العصفور الصغير الذي يأتيها كل يوم..

يقف أمامها ينقر على الزجاج..كل يوم يحاول تحريرها من سجنها..

كل يوم يفقد الأمل و يفرد جناحيه و يطير بعيدا..

تراقبه و هو يبتعد بعين الحاسدة..

تتمنى لو كان لها نفس الجناحين الصغيرين..

ثم تبدأ في التذكر...

تتذكر أنها كانت ذات يوم ملكة..ملكة على النيل المقدس..

أخبروها أنها مستهدفة و عليهم حمايتها...

فتساءلت لماذا يستهدفونها..

ألم تكن حكيمة ، عادلة ، يحبها الجميع ؟؟

قالوا لها لأنك ملكة النهر المقدس..أليس هذا بسبب كاف ؟

قالوا لها لحمايتها سينقلونها إلى قصر آخر لفترة محدودة

ظرف طاريء و مصيره إلى زوال..

فقبلت..

نقلوها إلى قصر موحش..كرهته منذ الدخول..

كانت تحب قصرها المطل على النيل..تتمشى على ضفافه بين أفراس النهر الكريم..

أما هذا القصر فليس به نيل..ليس به سوى حديقة قبيحة..

بعد مدة طلبوا منها البقاء داخل القصر و عدم الخروج إلى الحديقة..لأنها مستهدفة..

فقبلت بعد أن أخبروها عن وحشية مستهدفيها..

و تمر الأيام و هي تسألهم عن موعد العودة إالى قصرها الحبيب...

فيردون بأنهم ما زالوا يتربصون بها..

بعد مدة تحول عدم الخروج من القصر إلى عدم الخروج من الجناح الملكي..

و تحول الجناح الملكي إلى جناح أصغر..

ثم إلى غرفتها التي يزورها فيها العصفور الصغير كل يوم...و يغلقون بابها من الخارج..

أصبحت حجتهم المعتادة أن هناك من يكرهونها و أنها مستهدفة..

و لكنها تعلم الان أنهم هم من يستهدفونها..

أنها أصبحت سجينة و أنهم عزلوها عن شعبها..

تتحسس تاجها المكسور و هي تنظر من النافذة..

تراقب موظفي القصر في الحديقة التي كانت تراها قبيحة..

تتمتم ببعض الصلوات لإله بعيد..

نزعت قلادتها التي تحمل مفتاح الحياة و وضعتها جانبا..

أمسكت بكرسيّ ثقيل و انهالت على النافذة حتى قضت على زجاجها..

رفعت جسدها الجميل لتقف على النافذة مستعدة للقفز..

يضرب الهواء البارد وجهها و يتطاير شعرها الأسود..

تراقبهم يهرولون إلى داخل القصر و تعلم أنهم قادمون إليها..

فكما منعوها من الحياة الان يمنعونها من الموت..

تعلم الان أن أمامها حلّين لا ثالث لهما..

إما أن تقفز امام أعينهم لتثبت لهم أنها الملكة و سوف تموت متى تريد..

أو أن تنزل عن نافذتها و تواجه الباب الذي سيدخلون منه في أي لحظة الان..

أن تقاتل من أجل حريتها و من اجل حياتها..و من أجل أن تكون ملكة..

ترى..ماذا ستفعل الملكة العجوز ؟؟ ماذا ستفعل الملكة ؟؟