س١ : حصل اجتماع يوم 22 يناير، هل ورد إلي رئيس الجمهورية السابق ما دار في هذا الاجتماع وما أسفر عنه وما كان مردوده ؟
ج1 : الاجتماع كان برئاسة رئيس الوزراء واعتقد أننه بلغ
س2 : بداية من أحداث 25 يناير وحتي 11 فبراير هل تم اجتماع بينك وبين الرئيس السابق حسني مبارك ؟
ج2 : ليست اجتماعات مباشرة ولكن يوم 28 يناير لما أخذنا الأمر من السيد رئيس الجمهورية كان هناك اتصالات بيني وبين السيد الرئيس
س3: ما الذي أبداه رئيس الجمهورية في هذه اللقاءءات ؟
ج3: اللقاءات بيننا كانت تتم لمعرفة موقف القوات المسلحة خاصة يوم 28 وعندما كلفت القوات المسلحة للنزول للبلد ومساعدة الشرطة لتنفيذ مهامها كان هناك تخطيط مسبق للقوات المسلحة وهذا التخطيط يهدف لنزول القوات المسلحة مع الشرطة وهذه الخطة تتدرب عليها القوات المسلحة بتنزل لما الشرطة بتكون محتاجة المساعدة وعدم قدرتها علي تنفيذ مهامها وأعطي الرئيس الأمر لقائد القوات المسلحة أعطي الرئيس الأمر لقائد القوات المسلحة اللي هي نزول القوات المسلحة لتأمين المنشآت الحيوية وهذا ما حدث
س4 : هل وجه رئيس الجمهورية السابق المتهم محمد حسني مبارك أوامر إلي وزير الداخلية حبيب العادلي باستعمال قوات الشرطة القوة ضد المتظاهرين؟ استعمال قوات الشرطة القوة ضد المتزاهرين بما فيها استخدام الاسلحة الخرطوش والنارية من 25 يناير حتي 28 يناير ؟
ج4 : ليس لدي معلومات عن هذا واعتقد ان هذا لم يحدث
س5 : هل ترك رئيس الجمهورية السابق للمتهمين المذكورين من أساليب لمواجهة الموقف ؟
ج5 : ليس لدي معلومات
س6: هل ورد أو وصل إلي علم سيادتك معلومات أو تقارير عن كيفية معاملة رجال الشرطة ؟
ج6 : هذا ما يخص الشرطة وتدريبها ولكني أعلم ان فض المظاهرات بدون استخدام النيران
س7 : هل رصدت الجهات المعنية بالقوات المسلحة وجود قناصة استعانت بها قوات الشرطة في الأحداث التي جرت؟
ج7 : ليس لدي معلومات
س8 : تبين من التحقيقات إصابة ووفاة العديد من المتظاهرين بطلقات خرطوش أحدثت إصابات ووفيات..هل وصل ذلك الأمر لعلم سيادتك وبم تفسر ؟
ج8: إنا معنديش معلومات بكده.. الاحتمالات كتير لكن مفيش معلومة عندي
س9 : هل تعد قوات الشرطة بمفردها هي المسئولة دون غيرها عن إحداث إصابات ووفيات بعض المتظاهرين ؟
ج9 : إنا معرفش ايه اللي حصل
س10 : هل تستطيع سيادتك تحديد هل كانت هناك عناصر أخري تدخلت ؟
ج10 : هيا معلومات غير مؤكدة بس اعتقد ان هناك عناصر تدخلت
س11 : وما هي تلك العناصر ؟
ج11 : ممكن تكون عناصر خارجة عن القانون
س12 : هل ورد لمعلومات سيادتك ان هناك عناصر اجنبية قد تدخلت ؟
ج12 : ليس لدي معلومات مؤكدة ولكن ده احتمال موجود
س13 : وعلي وجه العموم هل يتدخل الرئيس وفقا لسلطته في ان يحافظ علي أمن وسلامة الوطن في إصدار أوامر أو تكليفات في كيفية التعامل ؟
ج13 : رئيس الجمهورية ممكن يكون أصدر أوامر - طبعا من حقه ولكن كل شئ له تقييده المسبق وكل واحد عارف مهامه
س14 : ولمن يصدر رئيس الجمهورية علي وجه العموم هذه الأوامر ؟
ج 14 : التكليفات معروف مين ينفذها ولكن من الممكن ان رئيس الجمهورية يعطي تكليفات مفيش شك
س15 : وهل يجب قطعا علي من تلقي أمر تنفيذه مهما كانت العواقب ؟
ج15 : طبعا يتم النقاش والمنفذ يتناقش مع رئيس الجمهورية وإذا كانت الأوامر مصيرية لازم يناقشه
س16: هل يعد رئيس الجمهورية السابق المتهم محمد حسني مبارك مسئول مسئولية مباشرة أو منفردة مع من نفذ أمر التعامل مع ألمتظاهرين الصادر منه شخصيا
ج16 : إذا كان أصدر هذا الأمر وهو التعامل باستخدام النيران أنا اعتقد ان المسئولية تكون مشتركة وأنا معرفش ان كان أعطي هذا الأمر أم لا
س17: وهل تعلم ان رئيس الجمهورية السابق كان علي علم من مصادره بقتل المتظاهرين ؟
ج17: يسأل في ذلك مساعديه الذين ابلغوه هل هو علي علم أم لا
س18: وهل تعلم سيادتكم ان رئيس الجمهورية السابق قد تدخل بأي صورة كانت لوقف نزيف المصابين ؟
ج18 : اعتقد انه تدخل وأعطي قرار بالتحقيق فيما حدث وعملية القتل وطلب تقرير وهذه معلومات
س19: هل تستطيع علي سبيل القطع والجزم واليقين تحديد مدي مسئولية رئيس الجمهورية السابق عن التداعيات التي أدت إلي إصابة وقتل المتظاهرين ؟
ج19 : هذه مسئولية جهات التحقيق
س20: هل يحق وفقا لخبرة سيادتكم ان يتخذ وزير الداخلية وعلي وجه العموم ما يراه هو منفردا من اجراءات ووسائل وخطط لمواجهة التظاهرات دون العرض علي رئيس الجمهورية؟
ج20: اتخاذ الاجراءات تكون مخططة ومعروف لدي الكل في وزارة الداخلية ولكن في جميع الحالات يعطيه خبر بما يخص المظاهرات ولكن التظاهر وفضه ولكن التظاهر وفضه هي خطة وتدريب موجود في وزارة الداخلية
س21 : وهل اتخذ حبيب العادلي قرار مواجهة التظاهر بما نجم عنه من إصابات ووفيات بمفرده بمساعدة المتهمين الاخرين في الدعوى المنظورة وذلك من منظور ما وصل لعلم سيادتك ؟
ج 21 : معنديش علم بذلك
س22 : علي فرض إذا ما وصلك تداعيات التظاهرات يوم 28 يناير إلي استخدام قوات الشرطة آليات مثل اطلاق مقذوفات نارية أو استخدام السيارت لدهس سيارات لدهس المتظاهرين..هل كان أمر استعمالها يصدر من حبيب العادلى يصدر من حبيب العادلى ومساعديه بمفردهم ؟
ج 22 : ما أقدرش أحدد اللي حصل أيه ولكن ممكن هو اللى اتخذها وأنا ما أعرفش واللى اتخذها مسئول عنها
س23: هل يصدق القول تحديداً وبما لا يدع مجالاً للشك أو الريبة أن رئيس الجمهورية السابق لا يعلم شيئاً أو معلومات أيا كانت عن تعامل الشرطة بمختلف قواتها أو أنه لم يوجه إلى الأول سمة أوامر أو تعليمات بشأن التعامل والغرض أنه هو الموكل إليه شئون مصر والحفاظ على أمنها ؟
ج23 : أنا ما أعرفش اللى حصل أيه لكن أعتقد إن وزير الداخلية بيبلغ وممكن ما يكونش مش عارف بس أنا ما أعرفش
س24 : هل هناك اصابات أو وفيات لضباط الجيش ؟
ج 24 : نعم هناك شهداء
س25 : هل تعاون وزير الداخلية مع القوات المسلحة لتأمين المظاهرات ؟
ج 25 : لأ
س26 : هل أبلغت بفقد ذخائر خاصة بالقوات المسلحة؟
ج26: مفيش حاجة ضاعت لكن هناك بعض الخسائر في المعدات واتصلحت ومفيش مشكلة
س27: هل أبلغت بدخول عناصر من حماس أو حزب الله عبر الأنفاق أو غيرها لإحداث إضرابات ؟
ج27: هذا الموضوع لم يحدث أثناء المظاهرات واحنا بنقاوم الموضوع ده واللي بنكتشفه بندمره وإذا كان فيه حد محول لمحكمة فهذا ليس أثناء المظاهرات
س28: هل تم القبض على عناصر أجنبية في ميدان التحرير وتم إحالتهم للنيابة العسكرية ؟
ج28: لا ..لم يتم القاء القبض على أى أحد
س29: فى الاجتماع الذي تم يوم 20 يناير هل تم اتخاذ قرار بقطع الاتصالات؟
ج29 : لم يحدث
س30: بعض اللواءات قالوا طلب منا فض المظاهرات بالقوة..هل طلب من القوات المسلحة التدخل لذلك ؟
ج30: أنا قلت فى كلية الشرطة في تخريج الدفعة إن أنا بأقول للتاريخ إن أي أحد من القوات المسلحة لن يستخدم النيران ضد الشعب
دي اقوال طنطاوي.. لو سمحتوا كل واحد ياخد كوبي بيست وينشرها على مدونته او صفحة الفيس بوك، لان محمد الجارحي كده ممكن يتحبس وكل ما ننشر اكتر ما يقدروش يحبسونا كلنا او بقى يحبسونا كلنا، لو الف مدون واكاونت فيس بوك نشرها ما يقدروش يحبسونا كلنا، او يحبسونا كلنا ويتفضحوا يالا.. المهم ان شهادة طنطاوي دي حقنا نعرفها، لان اصلا القضية دي كلها تحصيل حاصل.. احنا عارفين مين اللي قتل ولادنا، وعارفين المتهم، وعارفين الحكم، والشهادات دي مالهاش اي لازمة غير تبين لنا مين معانا ومين علينا... احنا صابرين على المحاكمات دي واحنا عارفين الحق والعدل فين عشان ما ننتهكش القانون بس وهم مش من حقهم يطلعوا قانون يمنعونا نعرف ايه اللي بيحصل في بلدنا سيبنا لهم البلد مش عارفين عنها حاجة 30 سنة بحجة الامن القومي وادي النتيجة... لا.. من هنا ورايح يكلمونا زي ما بنكلمهم ومافيش اسرار البلد بلدنا واحنا احرار فيها
Sunday, 25 September 2011
Wednesday, 22 June 2011
أحداث غير اعتيادية في شارع بورسعيد
مكان الأحداث: على امتداد شارع بورسعيد ، أحد الشوارع الرئيسية بمدينة الاسكندرية و الذي يمر في قلب عدد كبير من أحياء المدينة
تاريخ الاحداث: ما بين الساعة الثانية ظهراً و السابعة مساءاً ، يوم ال25 من يناير لعام 2011
كان متجهاً للمحكمة لمتابعة قضية التعويض الذي أذلته الحكومة من أجله عندما لاحظ تواجد كثيف لقوات الأمن و عدد قليل من الشباب يقف داخل حديقة ميدان المنشية منخرطين في أحاديث جانبية..اتجه إليهم و لاحظ أن معهم بعض اللافتات المغلقة التي لم يرفعوها بعد.
عند اقترابه منهم، لاحظ الذعر على وجوه بعضهم و التفاؤول على وجوه آخرين..سألهم بسذاجة:"هو في ايه؟" فأخبروه بالحكاية..بأنهم سأموا هذا النظام..أنهم يريدون الكرامة..و يريدون الحياة الكريمة لأبناء أرض مصر...صاح أحدهم:"يلا؟" فجاءته أصوات كثيرة أن توكل على الله...رفعوا الشاب على أكتافهم و في لحظات إلتفت رجال الأمن حولهم و أغلقوا مداخل و مخارج الحديقة الصغيرة..اندفع الشباب إليهم و بعد استخدام ملحوظ لقوة الدفع إنفك الحصار و انتشر المتظاهرون بالشارع..انفتح الطريق أمام عجوزنا العاجز فخرج يمشي وسط العدد الذي تزايد بشكل ملحوظ في وقت قليل جداً..كان منتشياً بالحماس الذي يأتيه من كل جانب. سأل شاباً يمشي بجانبه "على فين دلوقتي؟" فقال له "شارع بورسعيد إن شاء الله" نظر حوله مرة أخرى متأملاً الوجوه ثم تمتم في نفسه توكلت على الله..و بدأ في الهتاف مع الهاتفين"يسقط يسقط حسني مبارك"
كان يتأمل ملابسه البالية القذرة و قدميه العاريتين في زجاج إحدى السيارات التي تركها صاحبها تحت علامة ممنوع الوقوف عندما سمع ذلك الهتاف العظيم "عيش..حرية..كرامة انسانية"
كان يعرف كلمة كرامة من تنصته على أحاديث المثقفين على المقاهي أو على حوارات الماشين في الشوارع و الذين كان يتسول منهم الأموال.. و لكن بالرغم من ذلك فهو لم يكن يعلم معنى تلك الكلمة.."كرامة" كان يتخيلها دائماً غرضاً ثميناً يلمع كالذهب ولا تقدر الأموال على شراؤه..
كم تمنى لو لم يكن طفلاً يعيش في الشارع..يا ليته كان قد تعلم في المدرسة و الجامعة من بعدها ليصبح موظفاً يمتلك شقة و سيارة و أسرة صغيرة و كرامة...
و لذلك فعندما رأى تلك الأعداد الكبيرة تهتف بأنها تريد الكرامة انضم إليهم على الفور..قد يستغربون ما الذي يفعله بينهم طفل شوارع في ال12 من عمره و قد ينظر البعض له في ريبة..لكنه كان صادقاً حقاً في أنه يريد العيش و الكرامة، زاده إصراراً على المضي معهم ؛ أنهم كانوا قد خلصوه من يد أحد الضباط الذي جره من تلابيبه في شارع فؤاد قبل أن يصلوا إلى شارع بورسعيد و هو يصرخ "مالقيتش علام ولا شغل يا بيه"......."يعني كنت عاوزني أفضل أشحت طول عمري؟؟؟" لن ينسى لهم إنقاذه و لن يتخلى عنهم..كان يرى أن ما فعله من تسلق أحد عواميد النور بمحطة الرمل لإسقاط صورة الرئيس و وريثه عمل بطولي حقاً لأنه رأي الإنبهار في عيونهم و التصفيق الحاد له فرحةً بما فعل...
لأول مرة في ذلك اليوم شعر أنه إنسان..و لذلك عندما وصلت المظاهرة إلى شارع بورسعيد كان هو قد قرر أنه لن يترك تلك المظاهرة إلا عندما يحصل كل شخص فيها على كرامة خاصة به..
شخصيتين رقم 3 و 4كانت قد حملت ابنها ذو ال6 أعوام منذ الصباح الباكر و اتجهت إلى مسجد القائد ابراهيم حيث اتفق المتظاهرون على التجمع.
أرملة هي في ال32 من عمرها مات زوجها في السجن بسكتة قلبية لأنه لم يصدق أن يحدث له ما حدث...كان طبيباً متفوقاً في عمله و على خلق كريم..نشب خلاف بينه و بين أحد جيرانه الذي تصادف أن يكون ضابطاً بجهاز أمن الدولة...قرر الضابط أن يعلمه "الأدب عشان يعرف إزاي يحترم أسياده" على حد تعبيره؛ بأن يبيته في الحبس عدة أيام موجهاً له تهمة حيازة أقراص مخدرة..لم يصمد الطبيب سوى يوم واحد ثم سكت قلبه عن النبض في اليوم التالي..و للأمانة شعر الضابط بالذنب لأنه كان فقط يريد أن "يقرص ودنه" ثم يطلق سراحه..لكن ذلك لم يمنعه من تهديد زوجته و أهله بأن يلزموا الصمت. و قد فعلت..كتمت حزنها في قلبها لمدة عامين لاعنة فيهما سلبيتها و جبنها..و لكن اليوم استجمعت قوتها و قررت النزول مع المتظاهرين ضد عنف الشرطة؛ بل و قررت ان تأخذ ابنها معها..حدثته كثيراً عن ذلك اليوم من قبل أن يأتي و أخبرته انه يجب أن يكون قوياً حتى يأخذ حق أبيه من ذلك الشرير الذي قتله.
اختارت له أن يرتدي قميصاً أبيض عليه وجهاً أصفر مبتسم كنوع من التفاؤل بنتيجة ذلك اليوم. كم كانت فخورة به و هو يمشي هاتفاً "مش هنخاف مش هنطاطي..احنا كرهنا الصوت الواطي" كان هو أيضاّ يشعر بشيء من الإعتزاز بنفسه و أمه تنظر له بفخر.
لم يكن خائفاً اليوم و كم كان يشعر بأنه رجل كبير.
كانت المظاهرة قد وصلت إلى بداية شارع بوسعيد..الأمن يحيط مكتبة الاسكندرية على اليسار و يغلق مداخل مجمع الكليات النظرية بجامعة الاسكندرية على اليمين.
رفعت نظرها بعيداً حيث بدأت العمارات السكنية تظهر في الأفق و رأت الناس يتجمعون في شرفاتهم و ينظرون إلى مصدر الهتاف...تنهدت بشيء من القلق ثم همست قويني يا رب
شخصية رقم 5 (المشهد الأول)
إمراْة عجوز هي...تتمتع بصحة جيدة جداً إذا ما قورنت بالأخريات من نفس سنها..كانت تجلس بمنزلها بمنطقة سيدي جابر..منزل قديم يقع في شارع صغير متفرع من شارع بورسعيد، لا يطل عليه مباشرة و لكنها إذا وقفت في شرفتها تستطيع ان تراه بوضوح.
كانت تجلس أمام تلفازها العتيق تطالع الأخبار على القنوات المختلفة، مصرية (رسمية-خاصة) ؛ عربية و عالمية أيضاً.
استغربت جداً تضارب الأخبار هنا و هناك..أحياناً تقول لنفسها أنها مظاهرة كغيرها من المظاهرات التي تعودنا عليها في الأعوام السابقة و سيتم تفريقها في نهاية الأمر. و لكن في إذا طالعت قنوات أخرى أحست ان هناك شيء ما مختلف هذه المرة. رأت خبراً في إحدى القنوات العربية أن عشرات الآلاف من المتظاهرين بالاسكندرية يتحركون بحرية داخل شارع بورسعيد بعد أن فشل الأمن في إيقافهم و السيطرة عليهم...سمعت آذان العصر فقامت لتصلي...احميهم يا رب...هكذا قالت.
شخصية رقم 6
ما أن سمعت هتاف "انزل يا مصري" حتى قبلت صليبها و خرجت مسرعة من المنزل قبل أن تلاحظ أمها...فبعد أن فاتحتها هي و ابيها في خروجها للمظاهرة التي أعلن عنها من قبل كانت الإجابة قاطعة "أبونا قال ماحدش ينزل" و لكنها الآن كانت قد نزلت...
هي الآن تقف أمام باب العمارة الواقعة في حي سبورتنج لتشاهد المظاهرة العملاقة التي لم تر مثلها من قبل...وقفت مذهولة لا تصدق ما تراه...كانت قد انتوت أن تنزل لتشاهد المظاهرة من قريب لبضعة دقائق ثم تصعد مرة أخرى قبل أن تلاحظ أمها غيابها..و لكنها الآن بدأت في التحرك مع المتظاهرين بعد أن غلبها حماسهم..
"علي و علي و علي الصوت...اللي هايهتف مش هيموت" هكذا كانت تهتف معهم...اليوم شعرت أنها مواطنة من الدرجة الأولى..أنهم أصبحوا كلهم يدينون بالمصرية بدون أي تصنيف إسلامي أو مسيحي..لم تشعر بنفسها إلا و هي أمام بقالة أبيها..حاولت الإستدارة سريعاً حتى تخفي وجهها لكن شاباً ينظر في هاتفه النقال اصطدم بها فسقطت أمام أبيها تماماً عندما كان يغلق بقالته فصرخ فيها "انتي بتعملي إيه هنا؟؟؟ إيه اللي نزلك؟؟" أغلق القفل سريعاً و أمسك بيدها و تحرك في الإتجاه المعاكس للمظاهرة أخذ يشق الطريق بصعوبة و هو يجرها خلفه..احنا مالناش نزول انهاردة خالص...عاد بها إلى المنزل و انتهى حلمها الجميل..
شخصيتين رقم 7 و 8
أغلق الرجل العجوز بقالته الواقعة بمنطقة كليوباترا و اتجه سريعاً إلى منزله المجاور لها حيث يقوم بتخزين بضاعته..لم يكن مصدقاً لأعداد المتظاهرين الكبيرة التي ملئت شارع بورسعيد..دخل المنزل مسرعاً و نادى على ابنته ذات ال28 ربيعاً. أخذا يحملان صناديق المياه المعدنية ووقفا في شباك الشقة الواقعة بالطابق الأرضي و أخذا يوزعان عبوات المياه على المتظاهرين حتى نفدت كل العبوات الموجودة في المنزل و لم ينتهي المتظاهرون.
نظر لابنته الجميلة ثم داعب شعرها و قال"ياه لو يجيلك عريس راجل من الولاد دول؟ دة أنا اجوزهولك على طول حتى لو معهوش ولا مليم" فترقرقت عيناها بالدموع و هي تشير بيدها بلغة الصم و البكم (يا رب)
شخصية رقم 5 (المشهد الثاني)
سمعت العجوز جلبة تأتي من الشارع لم تميز منها سوى كلمات قليلة متقطعة "اقف هنا......وانت.........الرشاش كده.........أبواب العمارات كلها تتقفل......"
خرجت إلى شرفتها فرأت أعداد غفيرة من قوات الأمن المركزي يغلقون عنق الزجاجة ما بين نهاية شارع بورسعيد و المنطقة الواسعة الواقعة أمام مستشفى القوات المسلحة بسيدي جابر.
اصطف العسكر بأسلحتهم وورائهم مدرعتين يعلو كل منهما مدفع رشاش يجلس خلفه أحد العساكر.
هالها المشهد حقاً فهي لم ترى مثله من قبل.
"استر استر يا رب" هكذا قالت بصوت قلوق مرتعش.
شخصية رقم 9
كان هذا الفنان التشكيلي ذو ال23 عاماً يعيش أفضل لحظات حياته..كان هذا حلمه منذ سنوات مبكرة من عمره أن يتحرك الناس مطالبين بحرياتهم و ألا يقبلوا بتوريثهم كالعبيد.
كان قد حضر اليوم مبكراً مع زملاء عمله لكنه فقدهم في منطقة الشاطبي عندما دخل بقالة صغيرة ليشتري عبوة مياه. أصبح وحده من الشاطبي حتى وصوله إلى منطقة سيدي جابر لكنه للمرة الأولى في حياته كلها التي لم يشعر فيها بالوحدة. لم يشعر بالسعادة أكثر من تلك اللحظة التي كان هتافه فيها يذوب مع عشرات الآلاف من أصوات الحناجر التي تحيط به كأنها بركان يثور.
بعد عن عبر منطقة سبورتنج وقف على صندوق أعلى الرصيف ليلتقط بعض الصور، نظر أمامه فرأى المتظاهرين يملأون شارع بورسعيد حتى نهاية نظره؛ فنظر خلفه و تكرر المشهد.
أخرج هاتفه البلاكبيري ليطالع الأخبار على الفيسبوك و كتب جملة صغيرة "ما أراه أمامي الآن يجعلني أتساءل إذا كان علينا الآن التوقف عن استخدام كلمة متظاهرين و البدء في استخدام كلمة ثوار؟" و لكن جاءته الردود مستنكرة جداً...يا عم لسة قدامنا كتييييير عشان نفكر نثور...احنا مش زي تونس.
لكنه كان متفائلاً جداً عندما رأى عجز الأمن عن التعامل مع أعدادهم الكبيرة بعنف ثم اختفاءه تماماً منذ وصول المظاهرة الكبيرة إلى شارع بورسعيد.
كان قد وصل إلى الصفوف الأولى من المظاهرة عندما كانت منطقة سيدي جابر بدأت في الظهور بالأفق..كان يبحث عمن أتى اليوم معهم لكنه لم يجدهم...مش مشكلة قال لنفسه..لست وحدي اليوم.
نهاية البداية
عندما توقفت المظاهرة العملاقة أمام الحائط الأمني بسيدي جابر بدأ الهتاف "سلمية سلمية" لكنه لم يكتمل...صرخ الضابط بسرعة "إضرب" فارتفعت أيدي العسكر بالهراوات لتنزل على رؤوس الجميع..لم تفرق بين شاب أو عجوز أو امرأة...
إلتفت المتظاهرين للخلف و بدأوا في الجري و ارتفع الصراخ..كانت المظاهرة محاصرة من الخلف أيضاً..كان هذا هو الفخ الذي نصبوه لهم...لم يجدوا سوى الشوارع الجانبية الصغيرة ليحتموا بها من قنابل الغاز و الصوت المزعج لرشاشات الرصاص المطاطي..
هذه أرملة شابة محبوسة بين اندفاع المتظاهرين و بين سيارة تقف في الممنوع..تصرخ من الألم و هي تمسك بيد ابنها الصغير الذي هبط تحت السيارة بفعل اندفاع الناس...فتاة شابة سقطت على الأرض تدوسها أقدام الفارين من الفخ....حملها شاب و هرب بها بها إلى الشارع الجانبي لكنه أسقط هاتفه البلاكبيري لينكسر تحت الأقدام..رجل عجوز تكسرت عكاكيزه فجلس يبكي على الأرض..يبكي لأنه لا يستطيع الهرب، كان يبعد كل من يحاول مساعدته و يصرخ "هاموت هنا خلاص"
بدأت أبواب العمارات في الشوارع الجنبية تنفتح و يطل منها أحد السكان على استحياء صارخاً "ادخلوا ادخلوا" ثم يغلق الباب عندما يصبح العدد بالداخل كاملاً، فيتجه المتبقين إلى العمارة التي تليها و هكذا... وهكذا تفرق الجمع المهول في دقائق معدودة
شخصية رقم 5 (المشهد الثالث)
اندفعت العجوز إلى الشارع حاملة حقيبة الإسعافات الأولية، ترتدي روب المنزل و على رأسها غطاء رأس وضعته على عجل؛ دل على ذلك خروج شعرها من جوانب رأسها..لم تتجه لشارع بورسعيد، بل ظلت بشارعها الجانبي الصغير الكئيب الذي اختبأ به المصابون.
أخذت تميل على هذا المصاب و ذاك و توزع على من حولهم الأدوات اللازمة لوقف النزيف و مداواة الجرح..كانت تبكي..في حالة هستيرية تتمتم "استر يا رب...ليه يا ولاد الكلب؟؟...احمي ولادنا يا رب.."
و بعد أن نفدت حقيبة الإسعافات الأولية من محتوياتها؛ ظلت واقفة في منتصف الشارع تبكي و تسد أذانها حتى لا تسمع الصوت المزعج لإطلاق النيران..
شخصية رقم 10
بعد الإختباء بإحدى عمارات الشوارع الجانبية...بدأت البنات في البكاء، طلب منهم الرجل الذي فتح لهم باب العمارة أن يصعدوا ليجلسوا مع زوجته و بناته إن أردن حتى ينتهي الأمر و يصبح الخروج آمناً...لم يتوقف صوت إطلاق النيران...و كان هذا الشاب يغلي من الغضب..
كان يرى المصابين يتهافتون على مدخل العمارة ينزفون دماءهم الغالية.
بعد غلق باب العمارة كان يسمع الصراخ بالخارج و طرقات المذعورين على الباب أن افتحو لنا..إلحقونا.
بعد قليل من الوقت فتح أحدهم الباب و خرج...فخرج بعده ليرى آخر التطورات..كان شارع بورسعيد خالياً بينما يطارد العسكر الهاربين في الشوارع الجنبية التي أصبحت مركزاً لإلقاء الحجارة على الأمن المركزي.
حاول إيجاد طريق للهرب لكنه كلما اتجه إلى شارع وجد الجنود يطاردون أحدهم فاعتقد أنها النهاية و لا مفر من المعتقل أو الإختباء كالجبناء حتى ينتهي الأمر.
فجأة ظهرت سيارة ملاكي قديمة قادمة من من شارع صغير يبدأ عند الكورنيش. فقامت امرأة عجوز ترتدي روباً منزلياً و كانت تعالج أحد المصابين و صرخت فيهم "الشارع ده مش مقفول طالما في عربية دخلت" فاتجه الناس إلى ناحية الكورنيش و هو معهم..لم يتوقف هاتفه عن الرنين لكنه لم يجد أي رغبة في إجابة المتصلين الكثيرين بعد أن أصابه الإحباط.
عندما وصل للكورنيش بدأ في الإتجاه شرقاً إلى منزله مشياً على الأقدام..و لكن سرعان ما تلاشى إحباطه عندما بدأ يستمع إلى هتاف يأتي من بعيد "سلمية..سلمية" نظر خلفه.. فرأى أن المتظاهرين بدأوا في التجمع مرة أخرى و بدأ الناس يركنون سياراتهم و ينضمون إليهم..عاد إليه أمله و اتجه ناحيتهم بسرعة...لقد حان وقت التنفيس عن الغضب مما حدث...لن نستسلم لهم...لقد فاض الكيل..الشعب يريد إسقاط النظام
تاريخ الاحداث: ما بين الساعة الثانية ظهراً و السابعة مساءاً ، يوم ال25 من يناير لعام 2011
-----------------------------------------------------
شخصية رقم 1هو رجل في العقد الخامس من العمر ذو شعر شائب و يعتمد في مشيته على عكازين أصبحا هما صديقيه المقربين لمدة 9 أعوام ماضية منذ أن تعرض لحادث مشئوم أثناء عمله على أحد خطوط الترام بالمدينة.كان متجهاً للمحكمة لمتابعة قضية التعويض الذي أذلته الحكومة من أجله عندما لاحظ تواجد كثيف لقوات الأمن و عدد قليل من الشباب يقف داخل حديقة ميدان المنشية منخرطين في أحاديث جانبية..اتجه إليهم و لاحظ أن معهم بعض اللافتات المغلقة التي لم يرفعوها بعد.
عند اقترابه منهم، لاحظ الذعر على وجوه بعضهم و التفاؤول على وجوه آخرين..سألهم بسذاجة:"هو في ايه؟" فأخبروه بالحكاية..بأنهم سأموا هذا النظام..أنهم يريدون الكرامة..و يريدون الحياة الكريمة لأبناء أرض مصر...صاح أحدهم:"يلا؟" فجاءته أصوات كثيرة أن توكل على الله...رفعوا الشاب على أكتافهم و في لحظات إلتفت رجال الأمن حولهم و أغلقوا مداخل و مخارج الحديقة الصغيرة..اندفع الشباب إليهم و بعد استخدام ملحوظ لقوة الدفع إنفك الحصار و انتشر المتظاهرون بالشارع..انفتح الطريق أمام عجوزنا العاجز فخرج يمشي وسط العدد الذي تزايد بشكل ملحوظ في وقت قليل جداً..كان منتشياً بالحماس الذي يأتيه من كل جانب. سأل شاباً يمشي بجانبه "على فين دلوقتي؟" فقال له "شارع بورسعيد إن شاء الله" نظر حوله مرة أخرى متأملاً الوجوه ثم تمتم في نفسه توكلت على الله..و بدأ في الهتاف مع الهاتفين"يسقط يسقط حسني مبارك"
كان يتأمل ملابسه البالية القذرة و قدميه العاريتين في زجاج إحدى السيارات التي تركها صاحبها تحت علامة ممنوع الوقوف عندما سمع ذلك الهتاف العظيم "عيش..حرية..كرامة انسانية"
كان يعرف كلمة كرامة من تنصته على أحاديث المثقفين على المقاهي أو على حوارات الماشين في الشوارع و الذين كان يتسول منهم الأموال.. و لكن بالرغم من ذلك فهو لم يكن يعلم معنى تلك الكلمة.."كرامة" كان يتخيلها دائماً غرضاً ثميناً يلمع كالذهب ولا تقدر الأموال على شراؤه..
كم تمنى لو لم يكن طفلاً يعيش في الشارع..يا ليته كان قد تعلم في المدرسة و الجامعة من بعدها ليصبح موظفاً يمتلك شقة و سيارة و أسرة صغيرة و كرامة...
و لذلك فعندما رأى تلك الأعداد الكبيرة تهتف بأنها تريد الكرامة انضم إليهم على الفور..قد يستغربون ما الذي يفعله بينهم طفل شوارع في ال12 من عمره و قد ينظر البعض له في ريبة..لكنه كان صادقاً حقاً في أنه يريد العيش و الكرامة، زاده إصراراً على المضي معهم ؛ أنهم كانوا قد خلصوه من يد أحد الضباط الذي جره من تلابيبه في شارع فؤاد قبل أن يصلوا إلى شارع بورسعيد و هو يصرخ "مالقيتش علام ولا شغل يا بيه"......."يعني كنت عاوزني أفضل أشحت طول عمري؟؟؟" لن ينسى لهم إنقاذه و لن يتخلى عنهم..كان يرى أن ما فعله من تسلق أحد عواميد النور بمحطة الرمل لإسقاط صورة الرئيس و وريثه عمل بطولي حقاً لأنه رأي الإنبهار في عيونهم و التصفيق الحاد له فرحةً بما فعل...
لأول مرة في ذلك اليوم شعر أنه إنسان..و لذلك عندما وصلت المظاهرة إلى شارع بورسعيد كان هو قد قرر أنه لن يترك تلك المظاهرة إلا عندما يحصل كل شخص فيها على كرامة خاصة به..
شخصيتين رقم 3 و 4كانت قد حملت ابنها ذو ال6 أعوام منذ الصباح الباكر و اتجهت إلى مسجد القائد ابراهيم حيث اتفق المتظاهرون على التجمع.
أرملة هي في ال32 من عمرها مات زوجها في السجن بسكتة قلبية لأنه لم يصدق أن يحدث له ما حدث...كان طبيباً متفوقاً في عمله و على خلق كريم..نشب خلاف بينه و بين أحد جيرانه الذي تصادف أن يكون ضابطاً بجهاز أمن الدولة...قرر الضابط أن يعلمه "الأدب عشان يعرف إزاي يحترم أسياده" على حد تعبيره؛ بأن يبيته في الحبس عدة أيام موجهاً له تهمة حيازة أقراص مخدرة..لم يصمد الطبيب سوى يوم واحد ثم سكت قلبه عن النبض في اليوم التالي..و للأمانة شعر الضابط بالذنب لأنه كان فقط يريد أن "يقرص ودنه" ثم يطلق سراحه..لكن ذلك لم يمنعه من تهديد زوجته و أهله بأن يلزموا الصمت. و قد فعلت..كتمت حزنها في قلبها لمدة عامين لاعنة فيهما سلبيتها و جبنها..و لكن اليوم استجمعت قوتها و قررت النزول مع المتظاهرين ضد عنف الشرطة؛ بل و قررت ان تأخذ ابنها معها..حدثته كثيراً عن ذلك اليوم من قبل أن يأتي و أخبرته انه يجب أن يكون قوياً حتى يأخذ حق أبيه من ذلك الشرير الذي قتله.
اختارت له أن يرتدي قميصاً أبيض عليه وجهاً أصفر مبتسم كنوع من التفاؤل بنتيجة ذلك اليوم. كم كانت فخورة به و هو يمشي هاتفاً "مش هنخاف مش هنطاطي..احنا كرهنا الصوت الواطي" كان هو أيضاّ يشعر بشيء من الإعتزاز بنفسه و أمه تنظر له بفخر.
لم يكن خائفاً اليوم و كم كان يشعر بأنه رجل كبير.
كانت المظاهرة قد وصلت إلى بداية شارع بوسعيد..الأمن يحيط مكتبة الاسكندرية على اليسار و يغلق مداخل مجمع الكليات النظرية بجامعة الاسكندرية على اليمين.
رفعت نظرها بعيداً حيث بدأت العمارات السكنية تظهر في الأفق و رأت الناس يتجمعون في شرفاتهم و ينظرون إلى مصدر الهتاف...تنهدت بشيء من القلق ثم همست قويني يا رب
شخصية رقم 5 (المشهد الأول)
إمراْة عجوز هي...تتمتع بصحة جيدة جداً إذا ما قورنت بالأخريات من نفس سنها..كانت تجلس بمنزلها بمنطقة سيدي جابر..منزل قديم يقع في شارع صغير متفرع من شارع بورسعيد، لا يطل عليه مباشرة و لكنها إذا وقفت في شرفتها تستطيع ان تراه بوضوح.
كانت تجلس أمام تلفازها العتيق تطالع الأخبار على القنوات المختلفة، مصرية (رسمية-خاصة) ؛ عربية و عالمية أيضاً.
استغربت جداً تضارب الأخبار هنا و هناك..أحياناً تقول لنفسها أنها مظاهرة كغيرها من المظاهرات التي تعودنا عليها في الأعوام السابقة و سيتم تفريقها في نهاية الأمر. و لكن في إذا طالعت قنوات أخرى أحست ان هناك شيء ما مختلف هذه المرة. رأت خبراً في إحدى القنوات العربية أن عشرات الآلاف من المتظاهرين بالاسكندرية يتحركون بحرية داخل شارع بورسعيد بعد أن فشل الأمن في إيقافهم و السيطرة عليهم...سمعت آذان العصر فقامت لتصلي...احميهم يا رب...هكذا قالت.
شخصية رقم 6
ما أن سمعت هتاف "انزل يا مصري" حتى قبلت صليبها و خرجت مسرعة من المنزل قبل أن تلاحظ أمها...فبعد أن فاتحتها هي و ابيها في خروجها للمظاهرة التي أعلن عنها من قبل كانت الإجابة قاطعة "أبونا قال ماحدش ينزل" و لكنها الآن كانت قد نزلت...
هي الآن تقف أمام باب العمارة الواقعة في حي سبورتنج لتشاهد المظاهرة العملاقة التي لم تر مثلها من قبل...وقفت مذهولة لا تصدق ما تراه...كانت قد انتوت أن تنزل لتشاهد المظاهرة من قريب لبضعة دقائق ثم تصعد مرة أخرى قبل أن تلاحظ أمها غيابها..و لكنها الآن بدأت في التحرك مع المتظاهرين بعد أن غلبها حماسهم..
"علي و علي و علي الصوت...اللي هايهتف مش هيموت" هكذا كانت تهتف معهم...اليوم شعرت أنها مواطنة من الدرجة الأولى..أنهم أصبحوا كلهم يدينون بالمصرية بدون أي تصنيف إسلامي أو مسيحي..لم تشعر بنفسها إلا و هي أمام بقالة أبيها..حاولت الإستدارة سريعاً حتى تخفي وجهها لكن شاباً ينظر في هاتفه النقال اصطدم بها فسقطت أمام أبيها تماماً عندما كان يغلق بقالته فصرخ فيها "انتي بتعملي إيه هنا؟؟؟ إيه اللي نزلك؟؟" أغلق القفل سريعاً و أمسك بيدها و تحرك في الإتجاه المعاكس للمظاهرة أخذ يشق الطريق بصعوبة و هو يجرها خلفه..احنا مالناش نزول انهاردة خالص...عاد بها إلى المنزل و انتهى حلمها الجميل..
شخصيتين رقم 7 و 8
أغلق الرجل العجوز بقالته الواقعة بمنطقة كليوباترا و اتجه سريعاً إلى منزله المجاور لها حيث يقوم بتخزين بضاعته..لم يكن مصدقاً لأعداد المتظاهرين الكبيرة التي ملئت شارع بورسعيد..دخل المنزل مسرعاً و نادى على ابنته ذات ال28 ربيعاً. أخذا يحملان صناديق المياه المعدنية ووقفا في شباك الشقة الواقعة بالطابق الأرضي و أخذا يوزعان عبوات المياه على المتظاهرين حتى نفدت كل العبوات الموجودة في المنزل و لم ينتهي المتظاهرون.
نظر لابنته الجميلة ثم داعب شعرها و قال"ياه لو يجيلك عريس راجل من الولاد دول؟ دة أنا اجوزهولك على طول حتى لو معهوش ولا مليم" فترقرقت عيناها بالدموع و هي تشير بيدها بلغة الصم و البكم (يا رب)
شخصية رقم 5 (المشهد الثاني)
سمعت العجوز جلبة تأتي من الشارع لم تميز منها سوى كلمات قليلة متقطعة "اقف هنا......وانت.........الرشاش كده.........أبواب العمارات كلها تتقفل......"
خرجت إلى شرفتها فرأت أعداد غفيرة من قوات الأمن المركزي يغلقون عنق الزجاجة ما بين نهاية شارع بورسعيد و المنطقة الواسعة الواقعة أمام مستشفى القوات المسلحة بسيدي جابر.
اصطف العسكر بأسلحتهم وورائهم مدرعتين يعلو كل منهما مدفع رشاش يجلس خلفه أحد العساكر.
هالها المشهد حقاً فهي لم ترى مثله من قبل.
"استر استر يا رب" هكذا قالت بصوت قلوق مرتعش.
شخصية رقم 9
كان هذا الفنان التشكيلي ذو ال23 عاماً يعيش أفضل لحظات حياته..كان هذا حلمه منذ سنوات مبكرة من عمره أن يتحرك الناس مطالبين بحرياتهم و ألا يقبلوا بتوريثهم كالعبيد.
كان قد حضر اليوم مبكراً مع زملاء عمله لكنه فقدهم في منطقة الشاطبي عندما دخل بقالة صغيرة ليشتري عبوة مياه. أصبح وحده من الشاطبي حتى وصوله إلى منطقة سيدي جابر لكنه للمرة الأولى في حياته كلها التي لم يشعر فيها بالوحدة. لم يشعر بالسعادة أكثر من تلك اللحظة التي كان هتافه فيها يذوب مع عشرات الآلاف من أصوات الحناجر التي تحيط به كأنها بركان يثور.
بعد عن عبر منطقة سبورتنج وقف على صندوق أعلى الرصيف ليلتقط بعض الصور، نظر أمامه فرأى المتظاهرين يملأون شارع بورسعيد حتى نهاية نظره؛ فنظر خلفه و تكرر المشهد.
أخرج هاتفه البلاكبيري ليطالع الأخبار على الفيسبوك و كتب جملة صغيرة "ما أراه أمامي الآن يجعلني أتساءل إذا كان علينا الآن التوقف عن استخدام كلمة متظاهرين و البدء في استخدام كلمة ثوار؟" و لكن جاءته الردود مستنكرة جداً...يا عم لسة قدامنا كتييييير عشان نفكر نثور...احنا مش زي تونس.
لكنه كان متفائلاً جداً عندما رأى عجز الأمن عن التعامل مع أعدادهم الكبيرة بعنف ثم اختفاءه تماماً منذ وصول المظاهرة الكبيرة إلى شارع بورسعيد.
كان قد وصل إلى الصفوف الأولى من المظاهرة عندما كانت منطقة سيدي جابر بدأت في الظهور بالأفق..كان يبحث عمن أتى اليوم معهم لكنه لم يجدهم...مش مشكلة قال لنفسه..لست وحدي اليوم.
نهاية البداية
عندما توقفت المظاهرة العملاقة أمام الحائط الأمني بسيدي جابر بدأ الهتاف "سلمية سلمية" لكنه لم يكتمل...صرخ الضابط بسرعة "إضرب" فارتفعت أيدي العسكر بالهراوات لتنزل على رؤوس الجميع..لم تفرق بين شاب أو عجوز أو امرأة...
إلتفت المتظاهرين للخلف و بدأوا في الجري و ارتفع الصراخ..كانت المظاهرة محاصرة من الخلف أيضاً..كان هذا هو الفخ الذي نصبوه لهم...لم يجدوا سوى الشوارع الجانبية الصغيرة ليحتموا بها من قنابل الغاز و الصوت المزعج لرشاشات الرصاص المطاطي..
هذه أرملة شابة محبوسة بين اندفاع المتظاهرين و بين سيارة تقف في الممنوع..تصرخ من الألم و هي تمسك بيد ابنها الصغير الذي هبط تحت السيارة بفعل اندفاع الناس...فتاة شابة سقطت على الأرض تدوسها أقدام الفارين من الفخ....حملها شاب و هرب بها بها إلى الشارع الجانبي لكنه أسقط هاتفه البلاكبيري لينكسر تحت الأقدام..رجل عجوز تكسرت عكاكيزه فجلس يبكي على الأرض..يبكي لأنه لا يستطيع الهرب، كان يبعد كل من يحاول مساعدته و يصرخ "هاموت هنا خلاص"
بدأت أبواب العمارات في الشوارع الجنبية تنفتح و يطل منها أحد السكان على استحياء صارخاً "ادخلوا ادخلوا" ثم يغلق الباب عندما يصبح العدد بالداخل كاملاً، فيتجه المتبقين إلى العمارة التي تليها و هكذا... وهكذا تفرق الجمع المهول في دقائق معدودة
شخصية رقم 5 (المشهد الثالث)
اندفعت العجوز إلى الشارع حاملة حقيبة الإسعافات الأولية، ترتدي روب المنزل و على رأسها غطاء رأس وضعته على عجل؛ دل على ذلك خروج شعرها من جوانب رأسها..لم تتجه لشارع بورسعيد، بل ظلت بشارعها الجانبي الصغير الكئيب الذي اختبأ به المصابون.
أخذت تميل على هذا المصاب و ذاك و توزع على من حولهم الأدوات اللازمة لوقف النزيف و مداواة الجرح..كانت تبكي..في حالة هستيرية تتمتم "استر يا رب...ليه يا ولاد الكلب؟؟...احمي ولادنا يا رب.."
و بعد أن نفدت حقيبة الإسعافات الأولية من محتوياتها؛ ظلت واقفة في منتصف الشارع تبكي و تسد أذانها حتى لا تسمع الصوت المزعج لإطلاق النيران..
شخصية رقم 10
بعد الإختباء بإحدى عمارات الشوارع الجانبية...بدأت البنات في البكاء، طلب منهم الرجل الذي فتح لهم باب العمارة أن يصعدوا ليجلسوا مع زوجته و بناته إن أردن حتى ينتهي الأمر و يصبح الخروج آمناً...لم يتوقف صوت إطلاق النيران...و كان هذا الشاب يغلي من الغضب..
كان يرى المصابين يتهافتون على مدخل العمارة ينزفون دماءهم الغالية.
بعد غلق باب العمارة كان يسمع الصراخ بالخارج و طرقات المذعورين على الباب أن افتحو لنا..إلحقونا.
بعد قليل من الوقت فتح أحدهم الباب و خرج...فخرج بعده ليرى آخر التطورات..كان شارع بورسعيد خالياً بينما يطارد العسكر الهاربين في الشوارع الجنبية التي أصبحت مركزاً لإلقاء الحجارة على الأمن المركزي.
حاول إيجاد طريق للهرب لكنه كلما اتجه إلى شارع وجد الجنود يطاردون أحدهم فاعتقد أنها النهاية و لا مفر من المعتقل أو الإختباء كالجبناء حتى ينتهي الأمر.
فجأة ظهرت سيارة ملاكي قديمة قادمة من من شارع صغير يبدأ عند الكورنيش. فقامت امرأة عجوز ترتدي روباً منزلياً و كانت تعالج أحد المصابين و صرخت فيهم "الشارع ده مش مقفول طالما في عربية دخلت" فاتجه الناس إلى ناحية الكورنيش و هو معهم..لم يتوقف هاتفه عن الرنين لكنه لم يجد أي رغبة في إجابة المتصلين الكثيرين بعد أن أصابه الإحباط.
عندما وصل للكورنيش بدأ في الإتجاه شرقاً إلى منزله مشياً على الأقدام..و لكن سرعان ما تلاشى إحباطه عندما بدأ يستمع إلى هتاف يأتي من بعيد "سلمية..سلمية" نظر خلفه.. فرأى أن المتظاهرين بدأوا في التجمع مرة أخرى و بدأ الناس يركنون سياراتهم و ينضمون إليهم..عاد إليه أمله و اتجه ناحيتهم بسرعة...لقد حان وقت التنفيس عن الغضب مما حدث...لن نستسلم لهم...لقد فاض الكيل..الشعب يريد إسقاط النظام
Monday, 30 May 2011
أنا الدجال
تملكني هذا الشعور منذ الصغر
فمن المستحيل أن أكون شخصاً طبيعياً بعد كل ما مر بي
أصبحت أمشي فيذبل الأخضر تحت أقدامي
و تموت العصافير فوق رأسي..
أنا بلا شك الشر المطلق في هذه الحياة
أنا الدجال الذي ما زال في مرحلة التكوين حتى يأتيني أمر الإله بإطلاقي في هذا العالم
لا يعلم غيره ما سأفعله بكم أيها الحمقى
أنتم تركتموني و رحلتم..أنتم معذبتوني
أنتم من خيبتم أملي فيكم و أنتم من كسرتموني
أنتم جعلتم قلبي يذبل يوماً بعد يوم
لم يخلقني الله دجالا..بل أنتم من خلقتوني
لو لم تجرحوني...لو لم تتركوني لكنت الآن إنساناً سوياً
أنتم لا تعلمون كم أكرهكم و كم اتمنى أن يمكنني ربي منكم
سأعذبكم..سأجلدكم...سأحرقكم و أقتلكم
يااااااا ربي أمهلني إلى يوم يبعثون..
لأقلبنهم بعضهم على بعض...
سأعذبكم بأنفسكم.....
و أنت يا من تبقى لي... يا صديقي و أخي
إن كنت قد انتويت أن ترحل يوماً ما فارحل من اليوم...
لا أريد أن أكرهك كما كرهتهم
لا أريد أن تكون من ضحايا ذلك الدجال بداخلي
فأنا أحبك جداً و كم أكره أن أراك مقتولاً بسمومي..
ابتعد عني فذلك أفضل لك..
فعندما يأتي ذلك اليوم لن يسلم أحد من شري
فمن المستحيل أن أكون شخصاً طبيعياً بعد كل ما مر بي
أصبحت أمشي فيذبل الأخضر تحت أقدامي
و تموت العصافير فوق رأسي..
أنا بلا شك الشر المطلق في هذه الحياة
أنا الدجال الذي ما زال في مرحلة التكوين حتى يأتيني أمر الإله بإطلاقي في هذا العالم
لا يعلم غيره ما سأفعله بكم أيها الحمقى
أنتم تركتموني و رحلتم..أنتم معذبتوني
أنتم من خيبتم أملي فيكم و أنتم من كسرتموني
أنتم جعلتم قلبي يذبل يوماً بعد يوم
لم يخلقني الله دجالا..بل أنتم من خلقتوني
لو لم تجرحوني...لو لم تتركوني لكنت الآن إنساناً سوياً
أنتم لا تعلمون كم أكرهكم و كم اتمنى أن يمكنني ربي منكم
سأعذبكم..سأجلدكم...سأحرقكم و أقتلكم
يااااااا ربي أمهلني إلى يوم يبعثون..
لأقلبنهم بعضهم على بعض...
سأعذبكم بأنفسكم.....
و أنت يا من تبقى لي... يا صديقي و أخي
إن كنت قد انتويت أن ترحل يوماً ما فارحل من اليوم...
لا أريد أن أكرهك كما كرهتهم
لا أريد أن تكون من ضحايا ذلك الدجال بداخلي
فأنا أحبك جداً و كم أكره أن أراك مقتولاً بسمومي..
ابتعد عني فذلك أفضل لك..
فعندما يأتي ذلك اليوم لن يسلم أحد من شري
Sunday, 10 April 2011
حماقة بشرية
لأنه إنسان..فهو أحمق كما جرت العادة
لأنه عنيد..فهو غبي بالتأكيد
لا يريد أن يستسلم لحقيقة أنه سيظل و سيموت وحيداً
مهما حاول...مهما تعلق بهذه الكائنات البشرية..
مهما ظن أنهم يهتمون بأمره...
فكلما جاء وقت الجد و قرر البوح..لم يجد أحداً هنا..
لم يجد سو ظله الثقيل جالساً أمامه في غرفته الموحشة..
ظله محني الظهر..مطأطئ الرأس..
لا يقوى على الاستماع إلى شكواه
فيقرر أن يكتم لسانه و يمنعه من الحديث
و أن يحاول غداً مرة أخرى أن يبوح...
إنسان..أحمق كما جرت العادة...عنيد..غبي...
لا يريد أبداً أن يستسلم للحقيقة
لأنه عنيد..فهو غبي بالتأكيد
لا يريد أن يستسلم لحقيقة أنه سيظل و سيموت وحيداً
مهما حاول...مهما تعلق بهذه الكائنات البشرية..
مهما ظن أنهم يهتمون بأمره...
فكلما جاء وقت الجد و قرر البوح..لم يجد أحداً هنا..
لم يجد سو ظله الثقيل جالساً أمامه في غرفته الموحشة..
ظله محني الظهر..مطأطئ الرأس..
لا يقوى على الاستماع إلى شكواه
فيقرر أن يكتم لسانه و يمنعه من الحديث
و أن يحاول غداً مرة أخرى أن يبوح...
إنسان..أحمق كما جرت العادة...عنيد..غبي...
لا يريد أبداً أن يستسلم للحقيقة
Friday, 18 February 2011
الملكة المخلوعة
بعد أن ارتدت بزة نسائية، سوداء، محتشمة
جلست على كرسي صغير أمام المرآة الضخمة في جناحها الفخم داخل القصر..
كانت قد أفاقت من إغمائتها الثانية منذ دقائق معدودة..
نظرت لنفسها...
ثم أسندت ظهرها إلى الخلف و رفعت رأسها لأعلى فاردة رقبتها
فهي ترفض أن تكون رمزاً للإنكسار
أمسكت ببروشاً ذهبي على شكل قطة متوحشة لطالما ذكرتها بنفسها..ثم علقته فوق قلبها
أمسكت بعدها بزجاجة العطر الفرنسي و أخذت تتعطر و هي ترفض أن تصدق..
أن تصدق أنها أصبحت ملكة سابقة...لا، بل هي مخلوعة..
ذاهبة بلا رجعة...
وضعت الزجاجة و مرة أخرى نظرت لنفسها في المرآة..
تأملت تجاعيد وجهها التي حاولت كثيراً إخفاؤها لتكون ملكة لامعة
أخذت نفساً عميقاً ثم أخرجته بعنف مصطحباً معه دمعة صغيرة حرصت أن تخفيها في لحظتها..
وقفت و هي لا تزال تسمع ابنيها و هما يتصارخان في غرفة قريبة، و ربما أيضاً تكون قد سمعت شئ زجاجي ينكسر
نظرت لنفسها نظرة أخيرة في المرآة ثم استدارت للخلف و خرجت من غرفتها..
كان زوجها المخلوع من شعبه يجلس على عرش مكسور مثله..
يقف أمامه رجل في بزة عسكرية يتوسل: أنا آسف يا ريس بس مفيش حل تاني خلاص
رفضت أن تسمع هذا الحديث مرة أخرى فقاطعتهما: أنا جاهزة
قال لها زوجها كارهاً: ارتحتِ انتِ و ابنك؟
فردت ساخرة: أنا ماضربتكش على إيدك، أنا كنت باقول رأيي و انت بتقتنع، عالعموم أشوف وشك بخير...
غادرت الغرفة تتبعها زوجة ابنها الأصغر و خادمة واحدة بعد أن امتنعت بقية الخادمات عن الحضور اليوم..
صعدت إلى الطائرة التي ستحملها إلى لندن وطن أمها الراحلة..
لم تنظر للقصر بعدها مصممة أن تكون آخر ذكراها عنه أنها كانت تتعطر أمام مرآة في جناح ملكي فخم
جلست على كرسي صغير أمام المرآة الضخمة في جناحها الفخم داخل القصر..
كانت قد أفاقت من إغمائتها الثانية منذ دقائق معدودة..
نظرت لنفسها...
ثم أسندت ظهرها إلى الخلف و رفعت رأسها لأعلى فاردة رقبتها
فهي ترفض أن تكون رمزاً للإنكسار
أمسكت ببروشاً ذهبي على شكل قطة متوحشة لطالما ذكرتها بنفسها..ثم علقته فوق قلبها
أمسكت بعدها بزجاجة العطر الفرنسي و أخذت تتعطر و هي ترفض أن تصدق..
أن تصدق أنها أصبحت ملكة سابقة...لا، بل هي مخلوعة..
ذاهبة بلا رجعة...
وضعت الزجاجة و مرة أخرى نظرت لنفسها في المرآة..
تأملت تجاعيد وجهها التي حاولت كثيراً إخفاؤها لتكون ملكة لامعة
أخذت نفساً عميقاً ثم أخرجته بعنف مصطحباً معه دمعة صغيرة حرصت أن تخفيها في لحظتها..
وقفت و هي لا تزال تسمع ابنيها و هما يتصارخان في غرفة قريبة، و ربما أيضاً تكون قد سمعت شئ زجاجي ينكسر
نظرت لنفسها نظرة أخيرة في المرآة ثم استدارت للخلف و خرجت من غرفتها..
كان زوجها المخلوع من شعبه يجلس على عرش مكسور مثله..
يقف أمامه رجل في بزة عسكرية يتوسل: أنا آسف يا ريس بس مفيش حل تاني خلاص
رفضت أن تسمع هذا الحديث مرة أخرى فقاطعتهما: أنا جاهزة
قال لها زوجها كارهاً: ارتحتِ انتِ و ابنك؟
فردت ساخرة: أنا ماضربتكش على إيدك، أنا كنت باقول رأيي و انت بتقتنع، عالعموم أشوف وشك بخير...
غادرت الغرفة تتبعها زوجة ابنها الأصغر و خادمة واحدة بعد أن امتنعت بقية الخادمات عن الحضور اليوم..
صعدت إلى الطائرة التي ستحملها إلى لندن وطن أمها الراحلة..
لم تنظر للقصر بعدها مصممة أن تكون آخر ذكراها عنه أنها كانت تتعطر أمام مرآة في جناح ملكي فخم
Tuesday, 8 February 2011
ذلك الذي مابيفهمش
أكاد أرى ما سيحدث فى المستقبل
ما سيكتب فى كتب المدارس
أو ما سيقال فى برامج التليفزيون في ذكرى الثورة
بعد عشرات السنوات ربما
سيظل التاريخ يحكي أن كان هناك رئيساً قال له شعبه إرحل
بجميع لغات العالم يمكن يفهم بس طلع مابيفهمش
عملوا له زار يمكن عفريت و يطلع..و برضه ماطلعش
أنا فعلا متخيل الحديث عن ذلك الرئيس اللي شعبه عمله زار
------------------------------------------
توثيقا للزار
http://www.youtube.com/watch?v=pUzW2koJEE8
ما سيكتب فى كتب المدارس
أو ما سيقال فى برامج التليفزيون في ذكرى الثورة
بعد عشرات السنوات ربما
سيظل التاريخ يحكي أن كان هناك رئيساً قال له شعبه إرحل
بجميع لغات العالم يمكن يفهم بس طلع مابيفهمش
عملوا له زار يمكن عفريت و يطلع..و برضه ماطلعش
أنا فعلا متخيل الحديث عن ذلك الرئيس اللي شعبه عمله زار
------------------------------------------
توثيقا للزار
http://www.youtube.com/watch?v=pUzW2koJEE8
Subscribe to:
Posts (Atom)