Thursday, 19 November 2009

أسطورة مصرية


تحكي الأسطورة عن ملك فرعوني تائه مع ابن له في الصحراء..

يمشي مرفوع الرأس تحت شمسها الحارقة..

يعلم أنه لو مات فيكفيه أن يموت مصريا..

تقابل في طريقه مع أشخاص كثيرين ليست لهم ملامحه المصرية..

كلما سألهم عن الطريق لمصر..

ضحكوا..و ضحكوا..

قالوا أنها ماتت..تلاشت من وجه الأرض..

لم يصدقهم و ظل في بحثه عن وطنه الضائع..

مرت الأعوام و مازال الملك و ابنه ضائعين..

و ما زال يسأل من يقابله عن مصر..

فيجيبه بنفس الضحكة..ثم يتبعها بضحكة..

و يخبره أنها ماتت..

وأنه رأها بنفسه تتحرك إلى ضفة النيل الغربية لتسكن في مملكة الموتى..

أخبرني أين النيل إذن لأذهب أسكن في ضفته الغربية مع مليكتي..

جفّ النيل يا رجل...

رجل ؟!! أنسوا أنه ملك ؟؟

قالوا له عن دولة جديدة ظهرت في الصحراء يقال لها عروبة..

ليذهب ليسكن فيها..

استسلم الملك و ذهب إلى الدولة الجديدة..

استقبلوه باستهزاء من نمس يلبسه على رأسه..

قالوا له اخلعه..فقد ماتت مصر..

و لتغير اسمك أيضا فقد ماتت مصر..

و لتقدم لنا ما تحمل من أموال أو كنوز..و لتقدم لنا كل جهد اثباتا للولاء..

تغير الرجل كثيرا في السنوات اللاحقة..

نسي أنه كان ملكا يمشي مرفوع الرأس..

أصبح مذلولا في الوطن الجديد..

تقول الأسطورة أنه اختلف مع أحد برابرة المدينة..

و أنه تعامل معه بطريقة مصرية بحتة..

في حين تعامل البربري بكل همجية..

انتهى الإختلاف بطعنة لمن كان مصريا في أحد الأيام..

سقط على لأرض ليرى كم كان مخطيء..

لم يكن البربري يستحق سوى أن يعامله على أنه بربري..

بربري مثل الذين قاتلهم و هو ملك و أخذهم أسرى و عبيد..

انحنى ابنه عليه..فأوصاه وصيته الأخيرة..

ارحل يا ولدي..لقد كنت أحمق حين نسيت أنني مصري..

لا كرامة لك يا ولدي بدون مصر..

فلترحل في اتجاه النيل..و لتعيد ملأه و لو من ماء البحر..

فينقيه حابي و يكون سندا لك..

فلتعيد بناء مصر فيكون حورس عونا لك..

لا كرامة لك من دون مصر يا ولدي..

و إن أعجبتك عروبة.. فلتكن لها حليفا مصريا..

ولا تعش فيها أبدا مذلولا..

تقول الأسطورة أن ابن الملك أعاد بناء مصر و عاش فيها ملكا..

و أنه اتحد بعد ذلك مع عروبة..

و تقول الأسطورة أيضا أن أحفاد الملك نسوا أنهم مصريين..

و عاشوا مذلولين لعروبة..

رغم أنهم ما زالوا يعيشون في مصر..

Saturday, 14 November 2009

اقتل جسدك


عبرت الطريق اليوم ولأول مرة بدون خوف..

خوف كان يتلبسني في المرات السابقة..

لم أخف سياراته الطائشة المسرعة..

لم أنتظر قليلا أو أنظر يمينا و يسارا أولا مثلما علمونا..

فقط عبرت..

و عيناي تنظران إلى قدمي..

هل تبقيان على الأرض أم ترتفعان إثر صدمة سريعة ؟

وصلت إلى رصيف الجهة المقابلة..

هل أصيبت روحي بالتلبد و فقدت الإيمان بما حولها..و بمن حولها..؟؟

ربما شعور بالوحدة حدث في لحظة ما بعد أن رأيت أن كل شيء مجرد كذبة..

و كل كذبة مصيرها إلى زوال..

أريد لفافة من التبغ بسرعة..

لا يا سيدي..أنا لم أعتد أن أدخن..

لكني أحتاجها حقا حتى أنفث في دخانها التلبد الذي استحكم في روحي..

صحتي؟؟؟ حقا ؟؟

أيهما أهم صحة الروح أم صحة الجسد ؟؟

ليذهب الجسد إلى الجحيم..فهو فان على كل حال..

الروح أسمى و أنقى..

أفكر أن ألقي هذا الجسد هنا على الرصيف و أنطلق بروحي بعيدا عنه..

سأعيش غير مرئي بدون أغلال تكبلني..

Thursday, 5 November 2009

كل عام..في شرفتي


كل عام يعود الشتاء..

موسمي المفضل و المحبب..

و لكن كل عام يعود معه هذا الشخص..أو الشيء..

يحاول سرقة نشوتي بالمطر..

لا يأتي إلا ساعة نومي..عندما يحل الظلام..

و عندما يعمّ الهدوء..

أسمع صوت جسده يتحرك ببطء في شرفتي..

يبدأ محاولاته في خلع باب الشرفة..

يريد أن يدخل إلى غرفتي..

كل عام يرغب في الإقتحام..

كل عام يرغب في إغتيال فرحتي بالشتاء..

تتوقف محاولاته مع الباب...

هدوء قليل..

ثم أسمع صوت جسده الرخيم..

يتحرك ببطء على أرض الشرفة..

ماذا يفعل ذلك المقتحم الأحمق ؟؟ أن يدخل زاحفا من تحت الباب ؟؟

ياله من شخص أحمق..غبي..

أتذكره منذ 20 عام..تتكرر نفس محاولاته الفاشلة كل يوم من شتاء كل عام..

تتكرر بترتيب ممل..كل عام..و أظل أنا على حبي للشتاء كل عام..

لكان هذا العام..قررت أن أواجهه..

سوف أصرخ في وجهه أن يرحل..

ألا يعلم أنه إذا طلب الدخول منذ البداية لسمحت له ؟

لكنه أصر على الاقتحام..أصر على الوقوع في الذنب..

اقتربت من باب الشرفة..

مددت يدي إلى المقبض..أدرته..

فتحت الباب سريعا لتكون المفجأة..

اندفع إلي سريعا لاطما وجهي..

استنشقته بقوة..فاقتحم رئتيّ بذلك الشعور المنعش...

يالغبائي...

لم يكن أبدا شخص أحمق..

كان هواء ليل الشتاء المنعش طوال هذه الأعوام..

لم يكن يريد سرقة فرحتي بالشتاء..بل كان يريد أن يذيقني ما هو أجمل منها..

يا لغبائي..

اعتقدته مجرم غبيّ أحمق يتبع اسلوبا واحدا منذ 20 عام...

و كان هو كريما عنيدا صبورا..رغم حماقتي و معاندتي و غبائي

أصرّ أن يتفضل عليّ بما هو أجمل من المطر..

هواء ليل الشتاء في مدينتي..حبيبتي..الاسكندرية